" الجنس البشري الملعون "

كنوز نت - بقلم : سليم السعدي

صدر كتاب "( بالفرنسية : L'espe'ce humale ) . للكاتب روبرت انتلم ( Robert Antelme ) هو شهادة مروعة حيث يروي فيها تجربته القاسية في معسكرات النازية خلال الحرب العالمية الثانية ، صدر هذا الكتاب عام 1947 ويعتبر من اهم الاعمال الادبية التي تناولت اهوال المحرقة النازية من منظور انساني وفلسفي . محتوى الكتاب : يستعرض انتلم في كتابه الظروف الوحشية التي عاشها السجناء ، حيث يصف المعاملة الانسانية التي تعرضوا لها والجوع القاتل ، والعمل القسري ، والانهيار الجسدي والنفسي ، لكنه على الرغم من هذه القسوة ، يطرح رؤية فلسفية عميقة حول بقاء " الانسانية " حتى في اقسى الظروف حيث يؤكد ان النازيين حاولوا تجريد السجناء من انسانيتهم لكنهم فشلوا في القضاء عليها تماما . 

افكار رئيسية في الكتاب : 

اولا . البقاء في مواجهة الوحشية : رغم الجوع والمرض والاهانة ، يتمسك السجناء باثر من الكرامة ، ما بعكس قوة الانسان امام محاولات سحقه . 

اثنين : نقد للنازية كمشروع تدميري : الكتاب ليس مجرد شهادة شخصية ، بل نقد لالية القمع التي سعت لالغاء الانسان .

ثلاثة : التجربة الشخصية كحالة كونية : تجربة انتلم ليست مجرد قصة فردية ، بل مثال على معاناة الانسانية في ظل الاستبداد . 

اهمية الكتاب : 

يعد " الجنس البشري الملعون " من ابرز كتب ادب الشهادات .

خلفية الكاتب : 

روبرت انتلم كان مقاوما فرنسيا ، اعتقل عام 1944 ونقل الى عدة مسكرات اعتقال ، 

الكتاب ليس مجرد شهادة تاريخية ، بل تجربة فلسفية حول معنى ان تظل انسانا في عالم يسعى لنزع انسانيتك . 

هناك نقاط تشابه مع يحيى السنوار 

اولها . الاعتقال والتعذيب .

. روبرت انتلم كان معتقلا في معسكرات النازيين حيث تعرض للجوع ، العنف ، ومحاولات محو هويته . 

يحيى السنوار اعتقل لسنوات

طويلة في السجون الاسرائيلية حيث تعرض للتعذيب القاسي والاستجوابات العنيفة . 

اثنين : البقاء والصمود في ظروف قاهرة : 

. انتلم قاوم محاولات تحويله الى مجرد رقم او جسد بلا روح . 

. السنوار خرج من السجن اكثر صلابة ، واصبح قائدا سياسيا وعسكريا بارزا . ثالثا . العدو المشترك ( قوة احتلال / قمعية ) : 

. انتلم واجة النازية ، التي كانت تمثل الة ابادة وقمع شاملة . 

. السنوار واجه اسرائيل ، التي ينظر اليها كقوة احتلال تمارس القمع ضد الشعب الفلسطيني . 

الاختلافات الاساسية : 

. انتلم كان جزءا من مقاومة مدنية ومسلحة ضد النازية ، لكنه لم يصبح قائدا سياسيا بعد الحرب ، بل روى تجربته الادبية . 

السنوار خرج من السجن ليصبح قائدا لحركة حماس ، وهي تنظيم مقاومم له بعد عسكري وسياسي واضح . 

اثنين : التعامل مع التجربة : 

انتلم كتب كتابا فلسفيا وانسانيا عن المحنة ، مركزا على البعد الوجودي والاخلاقي .

. السنوار استخدم تجربته في السجن لتعزيز مشروع المقاومة المسلحة ضد الاحتلال . خلاصة : الاثنان واجها تجربة الاعتقال القاسية ، لكنهما خرجا منها بطريقتين مختلفتين : انتلم ككاتب وفيلسوف يعكس تجربة القمع . والسنوار كقائد مقاومة يسعى لتغيير الواقع السياسي .

يحيى السنوار لم يعرف بانه كتب كتابا او نصوصا ادبية خلال فترة اعتقاله الطويلة في السجون الاسرائيلية ، لكنه كان ناشطا فكريا داخل السجن ، وساهم في تطوير الفكر التنظيمي لحركة حماس بين الاسرى الفلسطينيين . عمل على تعزيز الوعي السياسي والامني بين الاسرى 

قضى السنوات الطويلة في السجن بدراسة الفكر الاسلامي والسياسي مما زاد من عمقه الاستراتيجي لاحقا بعد اطلاق سراحه . 

اوجه التشابه بين بعض السياسيين الصهاينة والمقاومين الفلسطينيين : 

اولا : التجربة القتالية : _

يحيى السنوار قضى سنوات طويلة في السجن الاسرائيلي بسبب نشاطه في المقاومة . 

اسحاق شمير ( رئيس وزراء سابق ) كان عضو في منظمة " ليحي " الارهابية التي قاومت الانتداب البريطاني ، واعتقل لفترة قصيرة .

مناحيم بيغن ( زعيم منظمة : ارغون " ) كان مطلوبا للسلطات البريطانية بسبب انشطته المسلحة .

اثنين تطوير فكر تنظيمي اثناء الاعتقال او القتال : 

السنوار استغل فترة السجن لصقل الفكر الامني والتنظيمي لحماس ، 

بيغن وشمير استخدما تجربتهم في العمل السري لبناء الدولة الاسرائيلية لاحقا . 

ثلاثة الوصول الى القيادة بعد السجن او النضال : 

السنوار انتقل من السجن الى قائد لحماس في غزة . 

شامير وبيغن تحولا من " مطلوبين " من البريطانيين الى رؤساء حكومات اسرائيل . 

الاختلافات الجذرية : 

اولا : الهدف والمشروع السياسي : 

المقاومة الفلسطينية تقاتل ضد الاحتلال لاستعادة الاراضي والحقوق . 

القادة الصهاينة كانوا يسعون لتاسيس دولة اسرائيل وتهجير الشعب الفلسطيني من ارضه . 

اثنين الشرعية الدولية : 

الحركة الصهيونية حصلت على تاييد ودعم دولي مبني على مصالح استراتيجية للغرب في المنطقة الشرق اوسطي وبسط سيادتهم من خلال هذا الكيان المحتل . النقاومة الفلسطينية واجهت وتواجه تضيقات دولية وتصنيفات " ارهابية " ، طبعا المنظومة الدولية تاسست لهذا الهدف وهي السيطرة الكاملة على منطقة الشرق الاوسط لانه شريان حيوي واقتصادي لتلك الدول وبسط ارادتها وتدخلتها واعتداءتها من خلال هذا الكيان والذي بسببه يعاني العالم من الفقر والبطالة والحروب والامراض وسرقة موارد تلك الدول المحيطة لهذا الكيان .

ثلاثة الرؤية الاخلاقية والتاريخية : 

بيغن وشامير وغيرهم كانوا ينفذون عمليات ارهابية ضد بريطانية والفلسطينيين . 

السنوار وامثله يعتبرون انفسهم جزءا مز مقاومة ضد الاحتلال رغم التصنيفات السياسية المختلفة . الفرق في الجوهر فالصهاينة نجحوا في تحويل حركتهم الى مشروع استعماري دولي معترف به . بينما الفلسطينيون لا يزالون يقاومون الاحتلال المفروض عليهم . 

القانون الدولي واضح جدا في حق الشعوب تقرير مصيرهم

ميثاق الامم المتحدة عام 1945 يؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيره 

اتفاقية جنيف الرابعة 1949 تحظر نقل السكان بالقوة او الاحتلال او الاحتلال الاستيطاني . مثال تاريخي : زرع اسرائيل في فلسطين : وعد بلفور 1917 

الانتداب البريطاني الذي خان الامانة وباع فلسطين للهجرة اليهودية لفلسطين . نكبة عام 1948 حيث تم تهجير مئات الالاف من الفلسطينيين قسرا واقامة دولة اسرائيل ، بدعم غربي . 

المعايير المزدوجة الدولية 

دول كبرى رفضت محاولات مماثلة عندما لم تكن في صالحها . مثلا رفضت الدول الغربية استيلاء روسيا على جزيرة القرم 

لكنها دعمت مشاريع مثل زرع اسرائيل في فلسطين رغم وضوح التناقض مع مبادئ تقرير المصير .

فرواية الكاتب الفرنسي انتلم في جوهرها لها فكر انساني واجتماعي واخلاقي ، وصدق في وصفةالجنس البشري الملعون ، وهناك شواهد بعد لعن الارض من قبل الرب حين قتل قابيل اخيه هابيل اذ لعن الرب الارض تكوين 4:11

" انك ملعون من الارض . وذلك هي ملوثة وملعونة بسبب معاصي البشر فعمل الانسان في فساد الارض قتل ، ظلم الذي اضر بعلاقة الانسان باخيه الانسان . فلذلك لعنة الارض بسبب قتل قابيل لاخيه ، في فلسطين يقتل فيها الانسان كما في اوكرانيا او اي مكان في العالم من اجل حسد وحقد واستعلاء فهو ملعون كما لعنة الارض التي ياكل منها لان الرب سبق ولعنها يوم لم يجد الاخ او لم يعرف كيف يتخلص من جثته فحملها اربعين يوما على كتفيه لياتي غرابا يعلمه كيف يدفن اخاه في التراب وعند اذن لعن الرب الارض التي قبلت جسد هابيل ، كل يوم الصهاينة تقتل الاطفالةوالنساء وتمزق اجسادهم اربا اربا ومنها لم يدفن بالتراب فتبقى اما تحت الانقاض متروكة او اشلاء مبعثرة ، عن اي اخلاق عن اي انسانية تتحدثون ، انتم لستم من البشر وان كنتم بشر فالوصف الدقيق لكم كما وصفكم المسيح ابناء شياطين ، بعدين عن الانسانية او الرحمة لهذا ما قاله انتلم في كتابه عن الجنس البشري الملعون كان صادقا في رؤيته ...