الطب العربي والطب الفرنجي في فترة الحروب الصليبية../د.محمد عقل

 
لقد سجّل أسامة بن منقذ(ت:1188م) في مذكراته، المسماة كتاب الاعتبار، حكايات تدل على انحطاط الفرنجة الصليبيين وجهلهم، وعدم تحضرهم، ورصد التفوق الظاهر للحضارة العربية الإسلامية على الحضارة الأوروبية المتخلفة والمتأخرة جدًا في تحصيل العلوم، فسجّل طرق العلاج الإفرنجية، وروى لنا الطريقة التي عالج بها طبيب صليبي تقيحًا في رجل أحد الفرسان المحاربين مما يدل على جهلهم وتأخرهم في معرفة طرق العلاج الحديثة، وانحطاط الطب عندهم انحطاطًا مزريًا، يقول أسامة بن منقذ:

د . محمد عقل 


"ومن عجيب طبهم أن صاحب المنيطرة كتب إلى عمّي يطلب منه إنفاذ طبيب يداوي مرضى من أصحابه، فأرسل إليه طبيبًا نصرانيًا يقال له ثابت، فما غاب عشرة أيام حتى عاد، فقلنا له: ما أسرع ما داويت المرضى!

قال: أحضروا عندي فارسًا قد طلعت في رجله دملة، وامرأة قد لحقها نشاف، فعملت للفارس لبخة ففتحت الدملة فصلحت، فحميت المرأة ورطبت مزاجها( أي: منعتها عن تناول بعض المأكولات وأسقيتها ماء).

فجاءهم طبيب إفرنجي، فقال لهم: هذا ما يعرف شيئًا يداويهم.

وقال للفارس: أيُّما أحبُّ إليك أن تعيش برجل واحدة، أو تموت برجلين.


قال: أعيش برجل واحدة.

قال: أحضروا لي فارسًا قويًّا وفأسًا قاطعًا.

فحضر الفارس والفأس وأنا حاضر، فحطّ ساقه على قرمة خشب، وقال للفارس: أضرب رجله بالفأس ضربة واحدة واقطعها. فضربه، وأنا أراه، ضربة واحدة ما انقطعت، فضربه ضربة ثانية فسال مخ الساق، ومات من ساعته.

وأبصر المرأة، فقال: هذه المرأة في رأسها شيطان قد عشقها، اِحلقوا شعرها، فحلقوه وعادت تأكل من مأكلهم الثوم والخردل فزاد بها النشاف، فقال:

 الشيطان قد دخل في رأسها. فأخذ الموسى وشق الرأس صليبًا وسلخ وسطه حتى ظهر عظم الرأس وحكه بالملح، فماتت من وقتها.