كنوز نت - صبحة بغورة



 إن تأمين حدود الدولة وأمن المجتمع وحماية الشعب واجب مؤكد على الحكومات ويستمد أصالته من دستور البلاد، ومن أجله يتم اتخاذ كل ما يمكن لضمان تحقيق هذا الهدف.
  • صبحة بغورة تكتب :

 مصــر، السـعودية ،الجزائــر ومفهوم امتلاك أسباب القوة

لايزال الفكر السياسي والوعي الإنساني عامة قاصرا على تجنب النزاعات وغير قادر على احتواء الخلافات ونشر القناعات بالكف عن التلويح بشن الحروب التي تراها بعض الأطراف ذات الشحنة النفسية المائعة حلا سريعا في حسم قضاياه الدولية المستعصية عليه ،وهذا برغم جهود مختلف الهيئات الدولية وموقف الاتحادات الإقليمية ولوائح المنظمات العالمية المطالبة بضرورة نبذ العنف ،وتجنب خطابات الكراهية والعنصرية والتطرف المسلح ، ومكافحة ظواهر نشر الأسلحة الفتاكة وانتشار القواعد العسكرية في كل بقاع العالم.
في القضايا العادلة التي يؤمن أصحابها بسلامة مواقفهم وصدق نواياهم هم فقط من يلتزمون بالرقي الإنساني في أساليب تناول المسائل الخلافية عن طرق التشاور ومن خلال الحوار، ويتمسكون بمبدأ معالجة القضايا والنزاعات بالوسائل السلمية،وبالمحادثات الدبلوماسية الناعمة كخطوات لحلحلة وضع قائم معقد ، وبالمفاوضات من أجل التوافق حول وضع حلول سياسية ثابتة لها يكون من شانها أن تضع سقفا أمام مؤامرات الدفع نحو الحروب من خلال إثارة الفتن ،ولكن قد يستغرق هذا المسار زمنا قد يطول لسنين عددا، ويمكن أن لا تتحقق به في النهاية أي نتائج ترضي أطراف النزاع بقدر ما يمكن أن يترتب على طول أمدها أبعادا أخرى قد تتعقد معها الأمور أكثر، مثلما هو الحال بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية تحديدا التي تشابكت خيوطها وتضاربت مصالح أطراف خارجية حولها فخفتت أضواء شموع الأمل في قرب رؤية سلمية الحل، وفي المقابل كشّرت قوى الشر عن أنياب نفوس متعطشة للدم ، وانحرفت بالصراع من مسألة حرية وحدود إلى قضية بقاء ومصير ووجود.

إرادة التوسع لدى الكيان المحتل التي أثارت في نفوس داعميه الأطماع الاستيطانية فقد وضعت دولا جوارية ذات منعة وسيادة أمام تحدي قبضة القوة ، ووضعت قوى الخير العربية أمام امتحان الجدارة للدفاع الشرعي عن الأوطان ومهمة حفظ الحق العربي في ضمان الحرية والأمن والسلام والإسهام بفعالية في صنع الحضارة الإنسانية، إنها دول تبوأت مكانتها الريادية بسبب الزخم التاريخي الذي تتمتع به والطاقات البشرية والمادية الكبيرة ،إنها دولا ذات حضارات ضاربة في جذورالتاريخ تؤمن بأن لا معنى لأي جهد للمحافظة على هذا الحق الأصيل بدون قوة تحميه وتصونه قوة عمادها النفوذ السياسي الواسع والمؤثر ، وتستمد مناعتها من إمكانياتهاالاقتصادية الواقعية والعملية ، ومن وعي جماهيري عميق وإدراك واسع وثقافة ناضجة ، من قوة عسكرية مهيبة ومتطورة ...
إنه مفهوم الأخذ بأسباب القوة كواجب لا يمكن تجاهله، ولا يجوز التغافل عن حقيقته أو نكرنه وهذا من منطلق فرضية أكيدة وثابتة " إن من يريد السلام عليه دائما أن يكون مستعدا للحرب" وتسبيق إرادة السلام أولا في هذه العبارة تحمل نفيا مبطنا بوجود أي نوازع للاحتلال أوللتوسع غصبا على حساب الغير، أو الظن بوجود ميل إلى السباق نحو التسلح الذي غالبا ما ينصرف معناه إلى سوء النوايا وينطوي على الإشارة إلى وجود خطر مخططات التآمروإرادة التعدي ، أو إلى ثبوت حقيقة التورط في حروب القوة الفائضة حيث يصبح الثقل العددي لهذا التيار يتحدد بالحلفاء والمرتزقة وليس عبر أطراف الصراع الرئيسيين، لذلك كله فالأخذ بأسباب القوة كمفهوم كما سبق ذكره يمكن تلمس حقيقته من خلال نوعية التسليح الذي يتميز بالطابع الدفاعي ، ويكون المؤشر عليه هو قصر المدي المؤثر للقذائف ودانات المدفعية والصواريخ، وكذا مدى التحليق بالنسبة للطائرات.. وحجم القوات المسلحة عموما، والعكس صحيح فسباق التسلح كم هو واضح من معناه ينطوي على نوعية التسليح الهجومي الذي يتميز بالمديات الطويلة والقوة التفجيرية الشديد والتعداد الضخم للقوات المسلحة.. وفي بعض الحالات تلجأ الدول إلى المزاوجة بين الحالتين الدفاعية والهجومية إذا كان أمنها القومي يستدعي القيام بعمليات وقائية خارج الحدود الوطنية.
التحديات الأمنية في منطقتنا العربية خطيرة والمؤامرات قوية وكبيرة وأساليبها متعددة ، ولكن كما هي الثوابت في واقع وطبيعة العلاقات العربية يجد الأخ دائما أخاه وقت الشدة .
                             
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ