كنوز نت - بقلم : سري القدوة


جرائم الحرب الإسرائيلية لن تسقط بالتقادم

بقلم : سري القدوة
الأربعاء 1 كانون الثاني / يناير 2025.
حرب الإبادة الجماعية وعدوان الاحتلال على قطاع غزة وبعد 453 يوما عاشها أهل القطاع في مواجهة يومية مع آلة قتل لا تتوقف، قد وصلت إلى أبشع مراحلها بموت الأطفال تجمدا والكوادر الطبية حرقا وإحراق خيام النازحين ونهش الكلاب لجثث الشهداء بين الركام المتناثر في شوارع وأزقة قطاع غزة في مشهد مرعب لا يمكن للعقل البشري استيعابه على الإطلاق .
وبسبب البرد وانخفاض درجات الحرارة، استشهد الرضيع السابع من البرد خلال أقل من أسبوع الذي يبلغ من العمر شهر واحد، وتدهور حال بعض الأطفال الرضع جراء البرد في خيام النازحين بدير البلح وسط القطاع، واستشهد ستة أطفال حديثي الولادة تتراوح أعمارهم بين (4 و21) يوما، نتيجة انخفاض درجات الحرارة والبرد الشديد، وحسب المصادر الطبية تسبب انعدام الأمن الغذائي بين الأمهات في ظهور حالات مرضية جديدة بين الأطفال، مما يفاقم الوضع الصحي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها النازحين .
وتواصل قوات الاحتلال شن مئات الغارات، والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار، ونزوح أكثر من 90% من السكان .
قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في مدينة غزة، في إطار الإبادة المستمرة التي يرتكبها في القطاع خاصة في مناطق الشمال ومنذ هجوم جيش الاحتلال على محافظة الشمال في 5 أكتوبر الماضي، والمتزامن مع حصار عسكري مطبق، تعرض المستشفى لعشرات عمليات الاستهداف بالصواريخ والنيران، وتسببت هذه العملية في خروج المنظومة الصحية عن الخدمة بشكل كامل، فضلا عن توقف عمل جهاز الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر .
وفي أكتوبر 2023 قصفت طائرات الاحتلال الحربية المستشفى "المعمداني" ما أدى إلى استشهاد نحو 500 مواطن حينها، ولا يزال آلاف الشهداء والجرحى لم يتم انتشالهم من تحت الأنقاض بسبب تواصل القصف وخطورة الأوضاع الميدانية، في ظل حصار خانق للقطاع وقيود مشددة على دخول الوقود والمساعدات الحيوية العاجلة لتخفيف الأوضاع الإنسانية الكارثية .
جرائم الحرب التي ارتكبتها ولا زالت إسرائيل في غزة لن تسقط بالتقادم، وإن الصمت العالمي يشكل وصمة عار حقيقية على جبين الضمير العالمي، واستهداف المستشفيات وكوادرها وحصارها لأسابيع هو إمعان غير مسبوق في التجرد من الإنسانية واستهانة بكل الأعراف العالمية المستقرة لخوض الحروب، وأن تدمير آخر مستشفى رئيسي في شمال غزة وإخلاؤه بالقوة يعد أمرا غير مقبول وخاصة في ظل مواصلة الهجمات على المنشآت الطبية والتي تشكل انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي .
الخروج من هذا الواقع الصعب يأتي من خلال وقف العدوان الغاشم على شعبنا في قطاع غزة، ورفع الحصار عن الضفة الغربية، وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، وتمكين الحكومة الفلسطينية من توليها لصلاحياتها، وقيامها بعملها في إعادة الإعمار داخل القطاع، وإدخال المساعدات والإغاثة، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، خاصة في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، ووضع آلية لحماية هذه المقدسات مع التأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف .
الصمت العالمي المريب على الجرائم المرتكبة من قبل حكومة الاحتلال المتطرفة والهمجية الإسرائيلية ستفضي إلى تداعيات منظومة القانون الدولي الإنساني بعد هذا العجز الفادح عن حماية المدنيين من القتل والتنكيل .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية