
كنوز نت - سيمون عيلوطي
قصَّة أغنية "أنا أتوب عن حبًّك أنا" للشيخ إمام
- سيمون عيلوطي
أغنية "أنا أتوب عن حبًّك أنا" للشيخ إمام، كلمات الشَّاعر أحمد فؤاد نجم، 1962، شكَّلت اللُّبنة الأولى في مسيرة هذا الثُّنائيّ الفنيَّة، لا سيَّما أنَّها كانت ثمرة تعاونهما معًا، ولا شكَّ أنَّ نجاحها عند تقديمها للجُّمهور، شجعهما على الاستمرار بالتَّعاون فيما بينهما، ممَّا نتج عنه الكثير من الأعمال الغنائية ذات الطَّابع الملتزم بهموم عامة الشَّعب المصريّ، والشعوب العربيَّة، الفقراء خاصَّة. وسرعان ما كانت أغنياتهما تنتشر بين الجماهير العربيَّة في كلَّ مكان. ذلك رغم التَّعتيم والملاحقات المخابراتيَّة، والاعتقالات، لا لسبب، سوى لمحاولة كمّ صوتهما عن إطلاق أغنيات تنتقد النِّظام الديكتاتوري في مصر، وتنحاز إلى صفَّ الشَّعب الطيَّب، وحثه على الانتفاض في وجه جلَّاده.
الأغنية ذات الصِّلة بحديثنا، "أنا أتوب عن حبًّك أنا" نالت في مصر، وعلى امتداد الوطن العربيّ الكبير، شهرة واسعة، ما جعل الكثير من الأصوات تصدح بها في مختلف المناسبات، أذكر منهم على سبيل المثال: جورج وصُّوف، "فرقة «الأوله بلدي» تستعيد إرث الشيخ إمام بأغنية "أنا أتوب عن حبك"، محمد محسن، نعيم فوعاني، فرقة "بلدنا" كمال خليل، سومر نجَّار-"فرقة دار الأوبرا السوريَّة"، غرَّاء ثابت ورد، محمود الحدَّاد، أمل إبراهيم، وهناك محاورة لنفس الأغنية لعلاء حياني وأطفاله: يمان، لين، وليلى. محليًا، فقد أبدع في غناء هذه الأغنية الفنَّان ابن الرَّامة ألبير مرعب، والمطرب النَّصراوي فوزي السَّعدي، وقد شدت بالأغنية أيضًا مجموعة كبيرة من شباب وصبايا تونس، وهي على الرَّابط التَّالي:
نجم: "إمام كان صوتي، وأنا كنت عينيه"
رسَّام الكاريكاتير أحمد إبراهيم حجازي طلب ذات يوم الشَّاعر أحمد فؤاد نجم لمقابلته، نجم استجاب للدَّعوة، وما أن دخل لغرفة مكتب الرسَّام في مبنى "روزا اليوسف"-القاهرة، حتى أخبره أنَّ صديقه الشّيخ إمام عيسى يرقدُ على فراش المرض منذ عدَّة أيَّام. نجم لم ينتظر حجازي لإتمام حديثه، بل غادر المكتب مسرعًا ومتوجّهًا نحو "حوش قدم" حيث يسكن إمام، دخل على صديقة، بعد خلاف، وقطيعة دامت ثلاثة شهور. ما أن أدرك نجم باب حجرة إمام، حتى صرخ: "حبيبي نجم"، اقترب منه الشَّاعر وعانقه وهو يربط على كتفه، بادره إمام بالقول: "أنا هحكيلك عللي حصل"، وقصَّ علية قصَّة من تلك القصص الكثيرة التي كانت تدور بينهما، والتي وصفها نجم بأنها مصدر أغنياتهما، وأردف: "إمام كان صوتي، وأنا كنت عينيه". وكم كان ذلك الوصف دقيقًا، ومتماثلًا مع رحلتهما لسنوات طويلة في عالم الفنّ، أثمرت عن تأسيس مرجعيَّة غنيَّة وأصيلة في تاريخ الأغنية السياسيَّة الحديثة في مصر، والوطن العربيّ، لا سيَّما أنَّ إمام كان ملهمًا للكثير من مطربي الأغنية السياسيَّة، وما يزل.
عن اللقاء الأول لهذا الثنائي، كتب شريف حسن في "العربي الجديد: مقالة تحت عنوان: "إمام ونجم... حكاية اللقاء الأول"، جاء فيها: "ذهب نجم في بداية الستينيات، تحديدًا عام 1962 إلى حوش قدم، عن طريق الصَّحافي سعد الموجي. بدأ التَّعارف الحقيقيّ في تلك الجَّلسة عندما طلب نجم أن يستمع إلى صوت إمام يؤدّي أي عمل للشَّيخ سيّد درويش أو الشّيخ زكريَّا أحمد. هنا، ابتسم إمام وقال: "يا حبيبي طب تعال اقعد جنبي"، وغنَّى إمام وقتها لملهمه، والأقرب إلى قلبه الشِّيخ زكريَّا أحمد، دور "إمتى الهوى يجي سوا" الذي غنَّته أم كلثوم.
في نهاية السَّهرة، كان نجم قد قرَّر أن يرمي مفتاح شقَّته في "بولاق الدكرور"، ليجلس مع إمام ومحمد علي، عازف الإيقاع".
لمن يهمه الأمر في هذا المجال، نشير إلى أنَّ ابن الناصرة الدُّكتور زهير صبَّاغ كتب عن نجم، وإمام، وضابط الإيقاع محمد علي كتابًا قيّمًا، عنوانه: "قضيَّة وثلاثة رجال" تطرَّق فيه إلى علاقة هذا الثَّلاثي الفنيّ، مبرزًا أهم الجَّوانب الفنيَّة والانسانيَّة التي ربطت بينهم، ونتج عنها الكثير من الأغنيات، أضافت للمكتبة الغنائيّة العربيَّة نكهة جديدة، وبصمة مميَّزة خالدة.
أمَّا عن قصَّة أغنية "أنا أتوب عن حبًّك أنا" فقد جاءت بعد أن استمع نجم في تلك الجَّلسة إلى غناء إمام، حيث لاحظ أنَّه ليس مؤدّيًا فحسب، بل يضيف من عنده على اللحن الذي يغنّه، ويطعّمه بطابع يخصُّه هو وحده، دون سواه. ما شجَّعه أن يطرح عليه فكرة التَّلحين، أمام كانت له قبل ذلك اللقاء تجارب بسيطة في التَّلحين، لذلك رحَّب بفكرة نجم وتساءَلَ: أين هي الكلمات التي أحتاجها للتَّلحين، أجابه علي: الكلمات عند شاعرنا أحمد فؤاد نجم. تحمَّس نجم وكتب قصيدة، مطلعها: "أنا أتوب عن حبَّك أنا/ أنا ليَّا في بعدك هَنا...إلخ...إلخ...، الشيخ إمام لحن كلمات هذه الأغنية في نفس الجلسة. وكانت ثمرة التَّعاون بينهما، ما شجَّعهما بعد ذلك على الاستمرار في إنتاج عشرات الأغنيات السياسيَّة التي أصبحت ظاهرة فنيَّة -غنائيًّة لها أتباع.
رابط الأغنية بصوت إمام هو:
31/10/2022 04:20 pm 2,580