كنوز نت - وكالات 


28 عاماً من القبول والرفض.. تعرّف على المكاسب والتهديدات المحتملة جراء بناء الجسر المصري السعودي


أعلن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الجمعة، الاتفاق مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على إنشاء جسر يربط البلدين.
ويأتي الجسر ضمن 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات اقتصادية عدة، تم التوقيع عليها، ويهدف الجسر الذي سبق وطرحت فكرته أكثر من مرة سابقاً إلى تذليل عقبات الانتقال البري بين البلدين عبر البحر الأحمر ما سيزيد من حجم التبادل التجاري والاقتصادي بينهما.
واقترح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تسمية الجسر المزمع إنشاؤه باسم "الملك سلمان"، مشيراً إلى أن بلاده لا تنسى مواقف الملك سلمان في الوقوف إلى جانب مصر منذ عام 1956، وعقب الإعلان عن الاتفاق، دشّن ناشطون هاشتاغ #جسر_الملك_سلمان عبر موقع تويتر، ليدخل في قائمة الأكثر تداولاً خلال دقائق.

محاولات فاشلة لإحياء المشروع القديم

تعود فكرة إنشاء الجسر البري بين مصر والسعودية لأكثر من 28‏ عاماً مضت، حيث طرحت خلال اجتماع القمة المصرية السعودية بالقاهرة بين الملك فهد بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين والرئيس حسني مبارك عام‏ 1988.
واتفق الجانبان خلال البيان المشترك على إنشاء جسر يربط البلدين عبر مضيق تيران بمدخل خليج العقبة ويعبر البحر الأحمر ليكون طريقاً برياً مباشراً يربط بين الدول العربية، لكن توقف المشروع تماماً ولم يأخذ طريقه إلى النور.

ظلت المناقشات حول مشروع الجسر الضخم قائمة لعدّة سنوات؛ لكن تم تأجيل المحاولات المصرية السعودية لبناء الجسر لأسباب مالية في عام 2006، ثم بدأت الحكومة السعودية عام 2008 في قبول عروض حق العمل على مشروع البحر الأحمر.
لكن تم تأجيله بعدما أعربت إسرائيل عن معارضتها للمشروع، ولم تكن تلك المرة الأولى التي نشبت فيها التوترات السياسية حول الممر المائي؛ فقد كان قرار مصر بإغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية أحد الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى نشوب حرب الأيام الستة عام 1967.
بعد ثورة الـ 25 من يناير 2011، تم إحياء فكرة إقامة المشروع مرة أخرى، لكنه توقف مرة أخرى بسبب الأجواء السياسية غير المستقرة في مصر عقب الثورة.

مكاسب اقتصادية وسياسية


المشروع سيعد مكسباً كبيراً للعرب، حيث سيكون بمقدورهم للمرة الأولى منذ العام 1948 ومنذ قيام دولة إسرائيل، أن تتصل دول شمال أفريقيا بطريق مباشر مع بقية الدول العربية في الشرق الأوسط بدون أن يمروا بإسرائيل، إذ لم تكن حركة السكك الحديدية قادرة على المرور عبر إسرائيل من دولة عربية إلى أخرى، فضلاً عن التقييد الشديد لحركة مرور السيارات.
ومن شأن الجسر أن يقلل الاعتماد على العبارات، والتي تكون رحلاتها محفوفة بالمخاطر، هذا السبب الذي جعل البعض يطرح المشروع في العام 2006 عقب غرق عبارة السلام المصرية وعلى متنها 1400 راكب.
الجسر سيختصر المسافة بين البلدين إلى 23 كلم ويستغرق عبوره حوالي 20 دقيقة فقط، وسيخدم ملايين المصريين أو العرب أو الأفارقة الذين يتوجهون للسعودية بغرض الحج أو العمرة أو العاملين بمنطقة الخليج.
ويعتقد المخططون أن الرسوم التي سيدفعها ملايين السائحين نحو الأماكن المقدسة بالسعودية ستعوض تكاليف المشروع بسرعة والتي مقدر لها أن تصل إلى 5 مليارات دولار، كما أنه من المتوقع أن يزداد عدد الحجاج والمعتمرين مع بناء الجسر.
وسيصاحب بناء الجسر آثار اقتصادية وجيوسياسية، فالسعودية ستكون قادرة على تصدير النفط عبر السكك الحديدية إلى الأسواق والموانئ الأفريقية براً، وبذلك ستتغير أنماط الشحن بشكل كبير حيث سيختفي جزءٌ كبيرٌ من حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.


عراقيل سياسية وجغرافية

تتعدد مكاسب المشروع لكن يظل هناك بعض الصعوبات التي تعرقل تنفيذه دائماً، الصعوبة الأولى تكمن في خوف البعض من مرور الجسر بمدينة شرم الشيخ، الأمر الذي سيؤدي برأيهم إلى الإضرار بالفنادق والمنشآت السياحية ويفسد الحياة الهادئة والآمنة هناك، ويعد هذا ضمن أهم الأسباب التي دفعت الرئيس الأسبق حسني مبارك لرفض المشروع.
الجسر سوف يبنى فوق مضيق تيران، وهو سلسلة من الممرات البحرية الضيقة التي تربط بين مصر والسعودية، والقريبة من بعض أفضل مواقع الغوص حول العالم، كما أن مضائق تيران تعد من أهم المضائق المائية الاستراتيجية للأردن وإسرائيل، حيث يعد هو المنفذ البحري الوحيد للأردن وإسرائيل على البحر الأحمر، كما أن دوريات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تنشط في هذه المضائق لضمان حرية الملاحة.
وفي حالة الانتهاء من الجسر، ستضطر إسرائيل للتعامل مع فرضية جديدة، وهي قدرة مصر في منع حركة الشحن في البحر الأحمر والتي ستمر عبر الجسر مُستقبلاً، كما سيدفع الأردن بقوة نحو مخيم الاقتصاد السعودي، نظراً للتراجع في حركة الميناء، بينما ستحقق السعودية قدراً هائلاً من التأثير على مصر المضطربة في هذه المرحلة.
بجانب العراقيل السياسية، فإن هناك مخاوف من جغرافية البحر الأحمر، حيث تعد هذه المنطقة من أكثر المناطقة النشطة زلزالياً في العالم، وقد يتعرض أي جسر يبنى في هذه المنطقة إلى خطر الزلازل المدمرة، حيث تسمى المنطقة التي تقع فيها منطقة بناء الجسر بالوادي المتصدّع الكبير نظراً للزلازل التي تسجل فيها.